التمييز بين ما هو طبيعي وما هو ثقافي

يتضح أن إحدى المعضلات الجوهرية تتمثل في إشكالية التمييز بين ما هو طبيعي وما هو ثقافي في السلوك البشري 🤔. هذه المسألة، على بساطتها الظاهرية، تنطوي على تعقيدات جمة تستدعي التأمل.

التمييز بين ما هو طبيعي وما هو ثقافي

في مستهل الحديث، يُثار تساؤل محوري: هل بالإمكان حقاً الفصل بشكل قاطع بين الموروث البيولوجي الفطري 🧬 وبين المكتسب الاجتماعي والثقافي في أفعالنا وردود أفعالنا؟ 🤔 منذ اللحظة الأولى، يلوح في الأفق أن هذا الفصل ليس بالأمر الهين. فالإنسان، كما يُلاحظ، هو خليط متفرد من الكائن البيولوجي والكائن الاجتماعي في آن معاً.

عند التدقيق في بعض السلوكيات، تبرز أفعال يُعتقد بأنها وثيقة الصلة بالجانب الطبيعي للإنسان، مثل الأفعال المنعكسة كطرفة العين 👀. لكن سرعان ما تظهر سلوكيات أكثر تركيباً تستدعي التفكير ملياً. على سبيل المثال، خوف الطفل من الظلام 👻؛ هل يُعزى هذا الخوف إلى طبيعته الحيوانية الفطرية أم إلى الحكايات المخيفة التي يسمعها من محيطه الاجتماعي؟ هذا المثال البسيط يوضح كيف تتداخل المؤثرات البيولوجية والاجتماعية في تشكيل استجاباتنا.

في أغلب الأحوال، تُعد ردود أفعال الذات تعبيراً عن اندماج تام بين المصادر البيولوجية الطبيعية والمصادر الاجتماعية الثقافية. وينطبق هذا الأمر على موقف الأم تجاه وليدها 🥰 وعلى الانفعالات المعقدة عند مشاهدة عرض عسكري مهيب 💂‍♀️، حيث يتجلى هذا التشابك العميق بين الطبيعة والثقافة.

على الرغم من أن هذا التداخل بين الطبيعة والثقافة قد يبدو معقداً، إلا أن تجاهله لن يساعد في فهم الظواهر الاجتماعية. وعلى الجانب الآخر، فإن محاولة الفصل بينهما بصورة حادة قد يؤدي إلى اعتبار مسألة الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة الثقافة لغزاً عصياً على الفهم.

من هنا، يبرز سؤال جوهري: أين تنتهي الطبيعة الفطرية للإنسان؟ وأين تبدأ الثقافة المكتسبة؟ 🤔 للأسف، تشير المعطيات إلى أن المحاولات العديدة للإجابة على هذا السؤال المزدوج قد لم تحقق الآمال المرجوة بشكل كبير 😔. لم يتم التوصل حتى الآن إلى نقطة انطلاق واضحة من وقائع الطبيعة إلى وقائع الثقافة، وإلى آلية تمفصل محددة بينهما.

ومع ذلك، فإن النقاش الثقافي حول هذا الموضوع لم يكن بلا جدوى. فقد قدم معياراً هاماً يمكن الاستعانة به في التحليل، ألا وهو معيار وجود القاعدة أو غيابها في السلوكيات الإنسانية. فحيثما تبرز قاعدة محددة تنظم سلوكاً معيناً، يُرجح أننا بصدد سلوك ثقافي. فمثلاً، طريقة تناول الطعام 🍽️ تختلف من مجتمع لآخر وتخضع لقواعد وآداب متباينة.

في المقابل، فإن السلوكيات التي تتسم بالكونية والعمومية بين جميع بني البشر، مثل الحاجة إلى النوم 😴 أو الأكل (باعتباره دافعاً بيولوجياً وليس كطريقة)، تُعتبر أقرب إلى الطبيعة. فكل ما هو ثابت ومشترك لدى الإنسان غالباً ما ينفلت من تأثير العادات والتقاليد والتقنيات والمؤسسات التي تميز الثقافات المختلفة.

إذن، يمكن القول بأن كل ما هو عام لدى الإنسان يعود إلى نظام الطبيعة ويتسم بالعفوية 😌. بينما كل ما يخضع لقاعدة معينة ينتمي إلى الثقافة ويتسم بالنسبية والخصوصية 🌍🏘️.

في الختام، يجدر التأكيد على أن التمييز بين الطبيعة والثقافة لا يزال يشكل تحدياً فكرياً هاماً. وعلى الرغم من صعوبة الفصل التام بينهما، فإن السعي نحو فهم هذا التداخل المعقد يمثل جوهر فهمنا للذات الإنسانية والمجتمعات التي ننتمي إليها. 🤔✨


❓اختبر معلوماتك حول هذا الدرس


سؤال و جواب


خريطة ذهنية للدرس