محور مفهوما الطبيعة و الثقافة
مصطلح "الطبيعة" يشير في جوهره إلى كل ما هو فطري وغريزي في الإنسان، أي ما يولد به وليس مكتسبًا. ببساطة، هي تلك الخصائص التي نتشارك فيها مع عالم الحيوان 🐒، كالحاجة إلى الأكل 🍔 والنوم 😴 والتكاثر 👶 وغيرها. إنها البنية البيولوجية والنفسية الأساسية التي ننطلق منها جميعًا. الطبيعة هي كل ما لا يتدخل فيه الفعل الإنساني ويبقى على حاله الأول، سواء كان خارجيًا كالطبيعة الفيزيائية من حولنا 🏞️، أو داخليًا كطبيعتنا البيولوجية
ولكن، سرعان ما ننتقل إلى مفهوم آخر لا يقل أهمية، وهو مفهوم "الثقافة". هنا، نجد أنفسنا أمام كل ما يميز الإنسان عن الحيوان. إنها تلك الأساليب السلوكية التي تتصف بأنها تُكتسب عن طريق التعلم. وكما يشير النص، فإن الحاجة إلى مصطلح "الثقافة" نشأت لوصف الجوانب المشتركة لسلوك الإنسان الذي بلغ مراتب عليا من التطور، متجاوزًا بذلك السلوك الحيواني النمطي.
ولعل أبرز ما يميز السلوك الإنساني، هو تنوعه واختلافه الملحوظ. فبالرغم من تشابهنا الفيزيولوجي والجسماني، إلا أن سلوكياتنا تتباين بشكل كبير. خذ مثلًا بسيطًا: الطعام 🍎. هو حاجة طبيعية وبيولوجية مشتركة بيننا وبين الحيوانات، لكن طريقة الحصول عليه وإعداده وتناوله تختلف بشكل جذري بين جماعات الإسكيمو التي تعتمد على اللحوم والأسماك 🐟🥩، والشعوب الهندية والمكسيكية التي يرتكز غذاؤها على الحبوب والخضروات 🌾🌶️. وحتى الحليب ومشتقاته، الذي يعتبر غذاءً فاخرًا عند قبيلة البان جاندا في شرق أفريقيا، قد يُنظر إليه بشكل مختلف في غرب أفريقيا. هذا التباين اللانهائي في السلوكيات، على الرغم من وحدة الجنس البشري، يطرح سؤالًا هامًا: ما هي الأسباب الكامنة وراء هذا الاختلاف؟ 🤔.
إن الإنسان يتميز عن الكائنات الأخرى بقدرته الفائقة على التعلم. ففي حين أن غالبية الثدييات تكون مهيأة للتكيف مع محيطها منذ الولادة، فإن الإنسان يولد وهو لا يزال في مرحلة جنينية نسبيًا، مما يعني أنه لا يمتلك أساليب سلوكية موروثة ومتطورة بشكل كامل. لذا، يحتاج الإنسان إلى التعلم والرعاية والتربية لينمو ويتكيف. وهذا التعلم لا يقتصر على الخبرة الشخصية، بل يعتمد بشكل كبير على تقليد الآخرين والتلقين في البيئة المحيطة.
هنا يبرز مفهوم الثقافة بوضوح، فهو يشير إلى كل ما نكتسبه عن طريق التعلم. وبحسب تعريف إدوارد تايلور، فإن الثقافة هي ذلك المركب الذي يشمل المعارف والمعتقدات والفن والأخلاق والقوانين وكل الأعراف والعادات المكتسبة من قبل الإنسان كعضو في المجتمع.
إذًا، يمكننا أن نستنتج أنه يميز بين جانبين أساسيين في سلوك الإنسان: جانب فطري طبيعي غريزي يشترك فيه مع الحيوان، وجانب مكتسب ثقافي يميزه عن باقي الكائنات. ويعود سبب هذا التميز إلى انفراد الإنسان بميزة العقل، مما مكنه من تطوير أنماط عيشه وسلوكه عبر التلقين والتقليد والخبرة الشخصية. وهذا ما يجعل الإنسان بحق كائنًا ثقافيًا بامتياز، على عكس الحيوان الذي تظل سلوكاته ثابتة ومتشابهة.
وقد وظف صاحب النص مجموعة من الأساليب الحجاجية لتوضيح هذه الأفكار، منها أسلوب المقارنة بين السلوك الإنساني المتنوع والسلوك الحيواني الثابت، وأسلوب المثال من خلال تناول قضية الطعام لإبراز التنوع في السلوك الإنساني، وأسلوب الاستفهام الذي يحفز التفكير في أسباب هذا التنوع، وأخيرًا أسلوب التعريف الذي يوضح المقصود بمصطلح الثقافة.
وفي الختام، يجب التأكيدعلى أن الإنسان، وإن كان جزءًا من عالم الطبيعة والحيوان 🌱🐒، إلا أنه استطاع أن يشيد لنفسه عالمًا فريدًا من المعارف والعادات والسلوكيات المتنوعة، وهو ما نطلق عليه "الثقافة" 📚🗣️، والتي تنتقل من جيل إلى جيل عبر التعلم والتلقين.
❓اختبر معلوماتك حول هذا الدرس
سؤال و جواب
-
1. ما المقصود بمصطلحي "الطبيعة" و "الثقافة" كما ورد في النص؟
يشير مفهوم "الطبيعة" في النص إلى كل ما يولد عليه الإنسان، أي ما هو فطري وغريزي ومشترك بين الإنسان والحيوان، مثل الأكل والنوم والجنس [1]. أما مفهوم "الثقافة" فيعني كل ما يميز الإنسان عن الحيوان، أي كل ما يكتسبه الإنسان عن طريق التعلم ويجعله متميزًا عن الكائنات الأخرى [1].
-
2. ما الهدف من نشوء مصطلح "الثقافة" وفقًا للنص؟
نشأ مصطلح "الثقافة" بهدف وصف الجوانب المشتركة لأنواع السلوك التي بلغت مراتب عليا من التطور عند الإنسان وتجاوزت السلوك الحيواني الفطري [1]. كان الهدف هو إيجاد مصطلح ملائم لوصف السلوكيات الإنسانية المتميزة والمتنوعة [1].
-
3. ما الفرق الأساسي بين السلوك الإنساني والسلوك الحيواني كما يوضحه النص؟
يتميز السلوك الحيواني بـ النمطية والثبات والتشابه بين أفراد النوع الواحد، حيث يتبعون نفس السلوك بشكل أساسي [2]. على النقيض من ذلك، يتسم السلوك الإنساني بـ التنوع والاختلاف الملحوظ في أنماط السلوك بين الأفراد، على الرغم من تشابههم الفيزيولوجي والبيولوجي [2].
-
4. ما الأسباب التي يرجع إليها النص التنوع والاختلاف في السلوك الإنساني؟
يرجع النص السبب الرئيسي لـ تنوع السلوك الإنساني إلى قدرة الإنسان الفائقة على التعلم مقارنة بالحيوانات الأخرى [2]. فالإنسان يتعلم قدرًا كبيرًا من سلوكه خلال حياته، سواء من خلال الخبرة الشخصية أو عن طريق تقليد الآخرين والتلقين من البيئة المحيطة به [2].
-
5. كيف يوضح النص أن الطعام، وهو حاجة طبيعية، يتأثر بالثقافة؟
يقدم النص مثال الطعام كـ حاجة بيولوجية طبيعية، لكنه يوضح كيف يتباين بشكل كبير بين الجماعات البشرية المختلفة [3]. فجماعة الإسكيمو تعتمد بشكل أساسي على اللحوم والأسماك، بينما تعتمد شعوب أخرى على الحبوب والخضروات، وتختلف قيمة بعض الأطعمة كـ الحليب ومشتقاته بين ثقافات أخرى [3]. هذا يدل على أن حتى السلوكيات البيولوجية الأساسية تتأثر بالعوامل الثقافية [3].
-
6. ما الدور الذي يلعبه التعلم والتقليد في اكتساب الثقافة حسب النص؟
يؤكد النص أن مفهوم الثقافة يدل على أساليب السلوك التي تُكتسب عن طريق التعلم [3, 4]. يتم هذا التعلم من خلال الخبرة الشخصية أو عن طريق تقليد الآخرين الموجودين في البيئة وعمليات التلقين [3]. فـ الجزء الأكبر من سلوك الإنسان مكتسب من خلال هذه العمليات الثقافية [3].
-
7. كيف يعرف النص الثقافة في خلاصة تحليله؟ وما هو تعريف إدوارد تايلور للثقافة الذي أورده النص؟
يخلص النص إلى أن الثقافة تدل على أساليب السلوك التي تتصف بأنها تُكتسب عن طريق التعلم [4]. ويورد تعريفًا لـ إدوارد تايلور للثقافة بأنها "ذلك المركب الذي يشمل المعارف والمعتقدات والفن والأخلاق والقوانين وكل الأعراف الأخرى والعادات المكتسبة من طرف الإنسان باعتباره عضوا داخل المجتمع" [4].
-
8. ما هي الأساليب الحجاجية الرئيسية التي استخدمها صاحب النص لتوضيح فكرته حول الطبيعة والثقافة؟
استخدم صاحب النص عدة أساليب حجاجية منها:
- أسلوب المقارنة: للمقارنة بين السلوك الإنساني المتنوع والمتغير و السلوك الحيواني الثابت والمتشابه [5].
- أسلوب المثال: بتقديم مثال الطعام لتوضيح كيف تختلف السلوكيات الإنسانية رغم الأصل البيولوجي المشترك [5].
- أسلوب الاستفهام: بطرح تساؤلات حول أسباب الاختلاف في السلوك الإنساني [5].
- أسلوب التعريف: بتعريف مفهوم الثقافة في نهاية النص [5].