نظرة معمقة في ماهي الفلسفة؟ 🤔💡📚

   استكشاف مفهوم الفلسفة: من معناها اللغوي "محبة الحكمة" إلى البحث عن جوهر الأشياء وتجاوز المظاهر السطحية. نظرة معمقة ومبسطة.

النظرة العامة للفلسفة: بين سوء الفهم وعمق التفكير 🤔

في البداية، من المهم أن نُدرك أن هناك نظرة عامة قد تكون قاصرة أو حتى خاطئة عن الفلسفة. فالبعض من عامة الناس الذين لم يتعمقوا في دراستها أو يطلعوا على كتب الفلاسفة، قد يرون فيها مجرد "كلام لا معنى له" أو "ثرثرة لا تُثمر أي نتائج". بل قد يذهب البعض الآخر إلى أبعد من ذلك، معتبرين أنها "تشكيك في المعتقدات" و "تحريض على الأديان" وحتى "دعوة إلى إنكار وجود الله".

لكن، دعونا نتفق أن هذه الأحكام غالباً ما تصدر عن أشخاص "لم يطّلعوا على الفلسفة". هذه النظرة السطحية قد تكون متأثرة بصور نمطية تاريخية، كما حدث في أوروبا مع سطوة الكنيسة. ولكن الحقيقة أبعد ما تكون عن هذه التصورات السلبية.

المعنى اللغوي للفلسفة: محبة الحكمة مفتاح الفهم 🔑❤️

لنتجاوز هذه النظرة العامة السطحية وننطلق نحو فهم أعمق، نبدأ بالمعنى اللغوي لكلمة "فلسفة". هذه الكلمة ذات أصل يوناني وهي "فيلوصوفيا" (Philosophia). وهي مركبة من كلمتين: "فيليو" (Philo) التي تعني "محبة" و "صوفيا" (Sophia) التي تعني "حكمة".

إذن، فالفلسفة لغوياً هي "محبة الحكمة" والفيلسوف هو "الذي يحب الحكمة ويسعى إلى بلوغ الحقيقة". ومن اللافت للانتباه أن اليونانيين هم الأوائل الذين تفلسفوا وظهر عندهم هذا المصطلح. أما في الفلسفة العربية، فكلمة "فلسفة" هي مصطلح دخيل على اللغة العربية.

تواضع الفيلسوف: البحث الدائم عن الحقيقة لا ادعاء امتلاكها 謙🤔🔎

من المهم أن نُشير إلى ملاحظة جوهرية، وهي أن الفلاسفة الأوائل لم يكونوا يُطلقون على أنفسهم لقب "حكيم" (Sophos) بل كانوا يُفضلون وصف أنفسهم بـ "محب للحكمة" (Philosophos). لماذا هذا الفرق؟ 🤔

لأن من يقول عن نفسه "حكيم" قد يدّعي بأنه يمتلك المعرفة والحقيقة المطلقة، وأن الآخرين على خطأ. أما الفيلسوف، بمحبته للحكمة، فهو يُعلن عن "بحثه عن الحقيقة" وليس امتلاكها. والفرق بين الأمرين "شاسع جداً". فالشخص الذي يعتقد بأنه يمتلك الحقيقة قد يتوقف عن البحث، بينما الذي يبحث عنها هو في تطور مستمر.

المعنى الاصطلاحي للفلسفة: جوهر الأشياء لا مظاهرها الزائفة 💎✨

أما بالنسبة للمعنى الاصطلاحي للفلسفة، أي كيف يُعرّفها الفلاسفة أنفسهم؟ هنا نجد تعاريف مختلفة قد تبدو متباينة في الشكل، ولكنها تتفق في جوهر واحد. بشكل عام، لا يمكن وضع تعريف دقيق وشامل للفلسفة، وهذا يدل على "غنى وسعة" هذا النمط من التفكير.

لكن يمكننا أن نُجمِل معناها العام في أنها "فكرة تهتم بالكليات". أي أنها تبحث عن حقيقة الشيء وجوهره الثابت، دون الوقوف عند مظاهره الزائفة والعابرة.

لنتخيل معاً أي شيء حولنا له جانبان: مظهر خارجي نراه ونحس به، و جوهر داخلي أعمق وأكثر ثباتاً. الحقيقة تكمن في الجوهر لا في المظهر.

مثال بسيط 💸: عندما يأتيك مبلغ من المال من شخص ما (المظهر)، فإن الذي أوصل إليك هذا المال هو ذلك الشخص. لكن في الحقيقة (الجوهر)، قد يكون الله هو الرزاق وراء هذا السبب الظاهري. الفلسفة هنا تدعونا إلى "التأمل الأعمق من المظهر" للوصول إلى "جوهر الشيء".

مستويات التفكير: من الأشخاص إلى الأفكار 🧠👤🗣️💡

لتوضيح هذا المفهوم بشكل أكبر، يُقسم الناس حسب مستوى تفكيرهم إلى ثلاثة أصناف:

• العقول الصغيرة: تهتم بالأشخاص. تركيزهم يكون على من فعل ماذا، ومن قال ماذا. في مثال وقوع حادث، قد يركز صاحب العقل الصغير على أسماء الأشخاص المتورطين. 👤
• العقول المتوسطة: تهتم بالأحداث. يركزون على الحدث بحد ذاته، وتفاصيله وكيف وقع. في نفس مثال الحادث، قد يهتم صاحب العقل المتوسط بتفاصيل الحادث وكيفية وقوعه. 🗣️
• العقول الكبيرة: تهتم بالأفكار. لا يشغلهم الأشخاص أو تفاصيل الحدث بقدر ما يشغلهم جوهر هذا الحدث والفكرة الكامنة وراءه. في مثال الحادث، سينظر صاحب العقل الكبير إلى مفهوم العنف بشكل عام، وأسبابه، ولماذا يلجأ إليه الإنسان. 💡

الفلسفة تنتمي إلى مستوى "العقول الكبيرة"، فهي "فكر يهتم بالكليات" و "يهتم بالجوهر".

الفلسفة ليست حكراً على أحد: هي طريقة تفكير للجميع 🌍🤝

من المهم أن نفهم أن الفلسفة ليست حكراً على الفلاسفة أو الأكاديميين فقط. بل هي "نمط تفكير" يمكن لأي شخص أن يتبناه عندما يتعمق في التفكير في أي موضوع. حتى "علماء الفيزياء والرياضيات والمهندسين والشعراء" يمكن أن يمارسوا التفكير الفلسفي.

مثال عملي: ما هو الإنسان؟ 🤔👨‍🔬🧑‍ философ

دعونا نختم هذا الدرس بمثال يوضح لنا عمق التفكير الفلسفي. لو طرحنا السؤال "ما هو الإنسان؟"، ستكون الإجابات مختلفة بحسب مستوى التفكير:

• الشخص العادي (العقل الصغير): قد يجيب ببساطة: "الإنسان هو أنا وأنت وهو وهي". هو يرى الإنسان من خلال تجربته المباشرة ولا يبحث عن تعريف أعمق.
• العالم (العقل المتوسط): كعالم البيولوجيا، قد يجيب: "الإنسان كائن حي يتشكل من مجموعة من الأعضاء والخلايا والوظائف"، ويُشير إلى التشابه بينه وبين باقي الكائنات الحية في بعض القوانين. لكن هذا التعريف العلمي قد لا يُشفي غليلنا عندما نسأل عن الجوانب الأكثر تعقيداً في طبيعة الإنسان.
• الفيلسوف (العقل الكبير): سيأخذنا إلى مستوى أعمق من التفكير، قائلاً: "الإنسان حيوان عاقل". ولكنه لن يتوقف عند هذا الحد، بل سيتساءل عن معنى "الحياة" و "الوجود" و "العقل". سيتعمق في مفاهيم مثل "الوعي" و "الحرية" و "السعادة"، مُدركاً أن الإنسان كائن "غامض جداً". الفيلسوف هنا لا يقدم إجابات نهائية بقدر ما يفتح لنا آفاقاً جديدة من الأسئلة والتأمل.

خلاصة القول: الفلسفة رحلة دائمة نحو الحكمة 🚶‍♂️🌍❤️

في الختام، يمكننا أن نقول أن الفلسفة هي محبة الحكمة، وهي البحث الدائم عن الحقيقة وجوهر الأشياء. إنها ليست مجرد مجموعة من الآراء أو المعتقدات، بل هي طريقة تفكير عميقة ومتأملة تتجاوز المظاهر السطحية وتسعى إلى فهم أعمق للعالم من حولنا ولأنفسنا.

أتمنى أن يكون هذا الشرح قد أوضح لكم الصورة الأولية عن ماهية الفلسفة. وهي مجرد بداية لرحلة استكشافية ممتعة ومليئة بالاكتشافات. 👋📚💡